كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

على لسان رسوله: "يا عبادي، ا ني حرمت الطلم على نفسي " (1)، وقال:
<ولايظلورئك أحدا) [الكهف: 9 4]، وقال: <وما رئك بظفم لتعبيد)
[فصلت: 6 4]، وقا ل: <ولاياللمون فتيلأ) [النساء: 9 4]، وقال: <وما لله يردل!
ظلمالااغباد) [غافر: 31]؛ فأخبر عن تحريمه على نفسه، ونفى عن نفسه فعله
وإرادته.
وللناس في تفسير هذا الظلم ثلاثة أقوال (2)، بحسب أصو لهم وقواعدهم:
احدها: أن الظلم الذي حرمه وتنزه عن فعله وإرادته هو نظير الظلم من
الادمئين بعضهم لبعض (3)، وشبهوه في الافعال - ما يحسن منها وما لا
يحسن - بعباده، فضربوا له من قبل أنفسهم الامثال، وصاروا بذلك مشبهة
ممثلة في الافعال.
فامتنعوا من إثبات المثل الاعلى الذي أثبته لنفسه، ثم ضربوا له الامثال
ومثلوه في أفعاله بخلقه، كما أن الجهمية المعطلة متنعت من إثبات المثل
الاعلى الذي أثبته لنفسه، ثم ضربوا له الامثال ومثلوه في صفاته با لجمادات
الناقصة، بل بالمعدومات.
وأهل السنة نزهوه عن هذا وهذا، وأثبتوا له ما أثبته لنفسه من صفات
(1) اخرجه مسلم (2577) من حديث أبي ذر.
(2) انظر: " شرح حديث ابي ذر" ضمن " مجموع الفتاوى " (18/ 137)، وإجامع
الرسائل " (1/ 1 2 1)، وإمنهاج النة " (1/ 134، 2/ 4 0 3. 3/ 0 2، 5/ 96).
(3) وهذا قول المعتزلة. انظر: "ا لمغني دا للقاضي عبد 1 لجبار (6/ 27 1)، وإ شرح
الاصول الخمسة " (5 34).
1125

الصفحة 1125