كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

غيره، ولا يعذب بما لم تكسب يداه ولم يكن سعى فيه، ولا ينقص من
حسناته، فلا يجازى بها (1) أو ببعضها إذا قارنها أو طرأ عليها ما يقتضي
إبطالها أو اقتصاص المظلومين منها (2).
وهذا الظلم الذي نفى الله تعا لى خوفه عن العبد بقوله: <ومن يعمل من
الصلخت وهومومى فلايخاف ظلما ولاهضما > [طه: 2 1 1]، قا ل السلف
والمفسرون: لا يخاف أن يحمل عليه من سيئات غيره، ولا ينقص من
حسناته ما يتحمل (3).
فهذا هو لمعقول من الطلم ومن عدم خوفه، و ما ا لجمع بين النقيضين
وقلب القديم محدثا والمحدث قديما؛ فمما يتنزه كلام آحاد العقلاء عن
تسميته ظلما، وعن نفي خوفه عن العبد، فكيف بكلام رب العالمين؟!
وكذلك قوله: < وما ظلضئهم ولبهنكانؤا هم الطانين > [نخ: 76]، فنفى
أن يكون تعذيبه لهم ظلما، ثم أخبر أنهم هم الظالمون بكفرهم، ولو كان
الظلم المنفي هو المحال لم يحسن مقابلة قوله: < وماظلتئهم > بقوله:
<ولبهنكانواهم الطانين >، بل يقتضي الكلام أن يقال: " وما ظلمناهم ولكن
تصرفنا في ملكنا وعبيدنا". فلما نفى الظلم عن نفسه وأثبته لهم دل على أ ن
الطلم المنفي هو ن يعذبهم بغير جرم، و نه إنما عذبهم بجرمهم وظلمهم
ولا تحتمل الاية غير هذا، ولا يجوز تحريف كلام الله لنصرة المقالات.
(1) (ت): "ولا يجازى بها].
(2) انظر: " مجموع الفتاوى " (18/ 6 4 1).
(3) انظر: " تفسير الطبري " (18/ 379).
9 2 1 1

الصفحة 1129