كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
عدل، وبمناظرة إياس للقدرية = فهذه النصوص و مثالها كلها حق يجب
القول بموجبها، ولا تحرف معانيها، و [لكل من عند الله، ولكن أي دليل فيها
يدل على أنه تعا لى يجوز عليه أن يعذب أهل طاعته، وينعم أهل معصيته،
وأنه يعذب بغير جرم، ويحرم المحسن جزاء عمله، ونحو ذلك؟! بل كلها
متفقة متطابقة دالة على كمال القدرة، وكمال العدل و لحكمة.
فالنصوص التي ذكرناها تقتضي كمال عدله وحكمته وغنا 5، ووضعه
العقوبة والثواب مواضعهما و نه لم يعدل بهما عن سننهما.
والنصوص التي ذكرتموها تقتضي كمال قدرته وانفراده بالربوبية
والحكم، و نه ليس فوقه آمر ولا ناه يتعقب أفعاله بسؤال، و نه لو عذب أهل
سماواته وأرضه لكان ذلك تعذيبا لحقه عليهم، وكانوا إذ ذاك مستحقين
للعذاب؛ لان أعمالهم لا تفي بنجاتهم، كما قال النبي! م: "لن ينحي أحدا
منكم عمله " قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا انا، الا أن يتغمدني الله
بر حمة منه وفضل " (1).
فرحمته لهم ليست في مقابلة أعمالهم، ولا هي ثمنا لها، فانها خير
منها، كما قال في الحديث نفسه: "ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيرا من
أعمالهم "؛ أي: فجمع بين الامرين في ا لحديث: انه لو عذبهم لعذبهم
باستحقاقهم، فلم يكن ظالما لهم، و نه لو رحمهم لكان ذلك مجرد فضله
وكرمه، لا باعما لهم، إذ رحمته خير من اعما لهم.
فصلوات الله وسلامه على من خرج هذا الكلام أولا من شفتيه، فإنه
(1) تقلىم تخر يجه (ص: 0 2).
1132