كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

أعرف الخلق بادله وبحقه، وأعلمهم به وبعدله وفضله وحكمته، وما يستحقه
على عباده.
وطاعات العباد كلها لا تكون مقابلة لنعم الله عليهم، ولا مساوية لها، بل
ولا للقليل منها، فكيف يستحقون بها على الله النجاة؟!
وطاعة المطيع لا نسبة لها إلى نعمة من نعم الله عليه؛ فتبقى سائر النعم
تتقاضاه شكرا، و لعبد لا يقوم بمقدوره الذي يجب لله عليه.
فجميع عباده تحت عفوه ورحمته وفضله، فما نجا منهم أحد إلا بعفوه
ومغفرته، ولا فاز با لجنة إلا بفضله ورحمته.
واذا كانت هذه حال العباد فلو عذبهم لعذبهم وهو غير ظالم لهم، لا
لكونه قادرا عليهم وهم ملكه، بل لاستحقاقهم، ولو رحمهم لكان ذلك
بفضله لا بأعمالهم.
و ما قوله: <فانهم عبادك >؛ فليس المراد به أنك قادر عليهم مالك لهم.
وأي مدح في هذا؟! ولو قلت لشخص: إن عذبت فلانا فانك قادر على
ذلك. أي مدح يكون في ذلك؟!
بل في ضمن ذلك الاخبار بغاية العدل، و نه تعالى إن عذبهم فإنهم
عباده الذين أنعم عليهم ب! يجادهم وخلقهم ورزقهم واحسانه إليهم، لا
بوسيلة منهم، ولا في مقابلة بذل بذلوه، بل بتدأهم بنعمه وفضله، فإذا
عذبهم بعد ذلك وهم عبيده لم يعذبهم إلا بجرمهم واستحقاقهم وظلمهم،
فان من أنعم عليهم بتداء بجلائل النعم كيف يعذبهم بغير ستحقاق أعظم
النقم؟!
1133

الصفحة 1133