كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

والغايات المحمودة متوقفة على حلقهم واضلالهم توقف الملزوم على
لازمه.
وهذا فصل معترض لم يكن من غرضنا، وان كان أهم مما سقنا الكلام
لأجله.
ونكتة المسألة: الفرق بين ما هو فعل له تستلزم محبته وقوعه منه، وبين
ما هو مفعول له لا تستلزم محبته له وقوعه من عبده.
واذا عرف هذا، فالظلم والكفر و لفسوق والعصيان و نواع الشرور
واقعة في مفعولاته المنفصلة التي لا يتصف بها، دون أفعاله القائمة به.
ومن انكشف له هذا المقام فهم معنى قوله مج! م: "والشر ليس اليك " (1).
فهذا الفرق العظيم يزيل أكثر الشبه التي حارت لها عقول كثير من الناس
في هذا الباب، وهدى الله الذين آمنوا لما ختلفوا فيه من الحق بإذنه، والله
يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
فما في مخلوقاته ومفعولاته تعالى من الظلم والشر فهو بالنسبة إ لى
فاعله المكلف الذي قام به الفعل، كما أنه بالنسبة إليه يكون زنا وسرقة
وعدو نا و كلا وشربا ونكاحا، فهو الزا ني السارق الاكل الناكح، والله خالق
كل فاعل وفعله.
وليست نسبة هذه الافعال إلى خالقها كنسبتها إلى فاعلها الذي قامت
به، كما ن نسبة صفات المخلوقين إليه -كطوله (2) وقصره، وحسنه وقبحه،
(1) أخرجه مسلم (771) من حديث علي في دعائه جي! في قيام الليل.
(2) اي: ا لمخلوق.
1140

الصفحة 1140