كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
فدلت الاية على بطلان قول الطائفتين جميعا:
* الذين يقولون: إن أعمالهم قبل البعثة ليست قبيحة لذاتها، بل إنما
قبحت بالنهي فقط.
* والذين يقولون: إنها قبيحة، ويستحقون عليها العقوبة عقلا بدون
البعثة.
فتضمنت الاية بطلان قول الطائفتين، ودلت على القول الوسط الذي
اخترنا 5 ونصرنا 5: أنها قبيحة في نفسها، ولا يستحقون العقاب إلا بعد إقامة
ا لحجة بالرسالة، فلا تلازم (1) بين ثبوت الحسن والقبح العقليين وبين
استحقاق الثواب والعقاب (2)، فالادلة إنما اقتضت ارتباط الثواب والعقاب
بالرسالة وتوقفهما عليها، ولم تقتضز توقف الحسن والقبح بكل اعتبار
عليها، وقرق بين الامرين.
الوجه التالث والستون: قولكم: "كيف يعلم أنه سبحانه يجب عليه أ ن
يماح ويذم ويثيب ويعاقب على الفعل بمجرد العقل؟ وهل ذلك الا غيب
عنا؟ فبم يعرف أنه رضي عن فاعل وسخط على فاعل، وأنه يثيب هذا
ويعاقب هذا، ولم يخبر عنه بذلك مخبر صادق، ولا دل على مواقع رضاه
وسخطه عقل، ولا أخبر عن معلومه و محكومه مخبر؟ فلم يبق إلا قياس
أفعاله على أفعال عباده، وهو من أفسد القياس؟ فانه ليس كمثله شيء" (3).
(1) غير محررة في (د)، رسمها ابن بردس رسما.
(2) في الأصول: "ا لحسن و 1 لقيح العقليين بلازم ". والمثبت من (ط).
(3) انظر ما تقدم (ص: 0 99) وبينهما اختلاف! يسير في بعض ا لحروف.
4 4 1 1