كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

فيقال: هذا لازبن للمعتزلة ومن وافقهم، حيث يوجبون على الله تعا لى
ويحرمون بالقياس على عباده، ولا ريب أن هذا من أفسد القياس و بطله،
ولكن من أين ينفي ذلك إثبات صفات لأفعال (1) آقتضت حسنها وقبحها
عقلا ولم يعلم ترتب الثواب والعقاب عليها إلا بالرسالة، كما نصرناه؟!
فأنتم معاشر النفاة سلبتم الأفعال خواصها وصفا تها التي لا تنفك عنها
ولا تعقل مجردة عنها أبدا، وظننتم أن قول المعتزلة الباطل في إيجابها
وتحريمها على الله لا يتم إلا بهذا النفي، فأخطأتم في الامرين معا، فإن
بطلان قولهم لا يتوقف على نفي الحسن والقبح، ونفيهما باطل.
وخصومكم من المعتزلة أثبتوا لله شريعة عقلية أوجبوا عليه فيها
وحرموا بمقتضى عقولهم، وظنوا انهم لا يمكنهم اثبات الحسن والقبح إلا
بذلك، فاخطؤوا في الامرين معا؟ فان الله تعا لى لا يقاس بعباده في أفعاله
كما لا يقاس بهم في ذاته وصفاته، فليس كمثله شيء في ذاته، ولا في صفاته،
ولا في أفعاله، وإثبات الحسن والقبح لا يستلزم هذا الا يجاب والتحريم
العقليين.
فليتأمل اللبيب هذه الدقائق التي هي مجامع ماخذ الفرق فيها، يتبين أ ن
الناس إنما تكلموا في حواثي المسألة ولم يخوضوا لجتها ويقتحموا
غمرتها، والله المستعان.
وأما إلزامكم لخصومكم من المعتزلة تلك اللوازم (2)، فلا ريب أنها
مستلزمهب لبطلان قولهم، مع أضعافها من اللوازم التي تبين فساد مذهبهم،
(1) في الاصول: "صفات الافعال ". وفي (ط): "صفات افعال ".
(2) انظر ما تقدم (ص: 1 9 9 - 9 9 9).
1145

الصفحة 1145