كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

نسلك واحدا من الطريقين، فلا سبيل لاحدى الطائفتين إلى إلزامنا بلازم
واحد باطل، ولله الحمد، فمن رام ذلك فليبده.
فان قيل: فمن أصلكم إثبات التعليل وا لحكمة في الخلق والامر، فما
تصنعون بهذه اللوازم التي ألزمناها المعتزلة؟ وماذا جوابكم عنها إذا
وجهناها إليكم؟
قيل: لا ريب آنا نثبت لله ما ثبته لنفسه، وشهدت به الفطر والعقول من
الحكمة في خلقه و مره، ونقول: إن كل ما خلقه و مر به فله فيه حكمة بالغة،
وايات باهرة (1)، لاجلها خلقه وأمر به، ولكن لا نقول: إن لله تعا لى في خلقه
و مره كله حكمة مماثلة لما للمخلوق من ذلك، ولا مشابهة له، بل الفرق
بين الحكمتين كالفرق بين الفعلين، وكالفرق بين الوصفين والذاتين، فليس
كمثله شيء في وصفه، ولا في فعله، ولا في حكمة مطلوبة له من فعله، بل
الفرق بين الخالق والمخلوق في ذلك كله أعظم فرق و بينه (2) وأوضحه
عند العقول والفطر.
وعلى هذا، فجميع ما لزمتموه لاصحاب الصلاح والاصلح (3) - بل
و ضعافه و ضعاف أضعافه - لله فيه حكمة يختص بها لا يشاركه فيها غيره،
ولاجلها حسن منه ذلك، وقيح من المخلوق؛ لانتفاء تلك الحكمة في حقه.
وهذا كما يحسن منه تعا لى مدح نفسه والثناء على نفسه (4)، وإن قيح
(1) (ت): "وآية قاهرة]).
(2) (ت): "وائبته ".
(3) المعتزلة.
(4) (ت): "والثناء عليه ".
1148

الصفحة 1148