كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
من أكثر خلقه ذلك، ويليق بجلاله الكبرياء والعظمة، ويقيح من خلقه
تعاطيهما، كما روى عنه رسول الله مج! ي!: "الكبرياء إزاري، والعظمة ردائي،
فمن نازعني واحدا منهما عذبته " (1)، وكما يحسن منه إماتة خلقه وابتلاوهم
وامتحانهم بأنواع المحن، ويقبح ذلك من خلقه.
وهذا أعظم من أن تذكر أمثلته، فليس بين الله وبين خلقه جامح يوجب
أن يحسن منه ما حسن منهم، ويقيح منه ما قيح منهم، وإنما تتوجه تلك
الالزامات إلى من قاس أفعال الله بأفعال عباده، وأما من أثبت له حكمة
تختص به (2) لا تشبه ما للمخلوقين من الحكمة فهو عن تلك الإلزامات
بمعزل، ومنزله منها أبعد منزل.
ونكتة الفرق: أن بطلاد الصلاح والأصلح لا يستلزم بطلان ا لحكمة
والتعليل، والله الموفق.
الوجه الرابع والستون: قولكم: "أنتم فتحتم بهذه ا لمسألة طريقا
للاستغناء عن النبوات، وسلطتم عليكم بها الفلاسفة والبرا همة والصابئة
وكل منكر للنبوات، فان هذه ا لمسألة باب بيننا وبينهم، فإنكم إذا زعمتم أ ن
في العقل حاكما يحسن ويقبح، ويوجب ويحرم، ويتقاضى الثواب
والعقاب، لم تكن الحاجة إلى البعثة ضرورية؛ لامكان الاستغناء عنها بهذا
الحاكم (3). . . .) " إلى اخره (4).
(1) اخرجه مسلم (0 262) بنحوه من حديث ابي سعيد وابي هريرة.
(2) (ق): "يختص بها"ه
(3) في الأصول: "فهذا ا لحاكم ".
(4) انظر ما تقدم (ص: 999).
1149