كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

قال المثبتون: هذا كلام هائل، وهو عند التحقيق باطل، لو أنصف مورده
لعلم ألا وهو كما قال الاول: "رمتني بدائها و 1 نسلت " (1).
وقد بينا أن النفاة سدوا على أنفسهم طريق إثبات النبوة بإنكارهم هذه
المسألة، وقالوا: إنه يحسن من الله كل شيء، حتى إظهار المعجزة على يد
الكاذب، ولا فرق بالنسبة إليه (2) بين إظهارها على يد الصادق ويد الكاذب،
وليس في العقل ما يدل على استحالة هذا وجواز هذا، وتوقف معرفته على
السمع، لا سيما إذا انضم إلى ذلك إنكار كون العبد فاعلا مختارا (3) البتة،
فان ذلك يسد الباب جملة؛ لان متعلق الامر والنهي إنما هو أفعال العباد
الاختيارية، فمن لا فعل له ولا اختيار أصلا فكيف يعقل أن يكون مأمورا
منهيا؟! وقد تقدم حديث الافحام وعجزكم عن ا لجواب عنه.
قالوا: و ما نحن؛ فانا سهلنا بذلك الطريق إلى إثبات النبوات، بل لا
يمكن إثباتها إلا بالاعتراف بهذه المسألة؛ فانه إذا ثبت أن من الافعال حسنا
ومنها قبيحا، و ن إظهار المعجزة على يد الكاذب قبيح، و ن الله يتعا لى
ويتقدس عن فعل القبائح - علمنا بذلك صحة نبوة من أظهر الله على يديه
الايات والمعجزات. و ما أنتم فانكم لا يمكنندم العلم بذلك.
قالوا: وكذلك نحن قلنا: إن العبد فاعل مختار لفعله، وأوامر الشرع
ونواهيه متوجهة إلى مجرد فعله الاختياري القائم به، وهو متعلق الثواب
(1) انظر: " جمهرة الامثال لا (1/ 475)، و" مجمع الامثال " (1/ 286).
(2) (ق): " إليها". (ت): "! لى ". وهو تحريف.
(3) (د، ق): "فاعلا ولا مختارا". (ت): " ه. . ذلك المكان كون العبد لا فاعلا ولا مختارا
البتة ". والمثبت من (ط)، وهو مستقيم.
0 5 1 1

الصفحة 1150