كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

وكذلك يعجز عن إدراك حسن كل فعل وقبحه إلى أن تأ تي (1) الشرائع
بتفصيل ذلك وتبيينه (2)، وما أدركه العقل الصريح من ذلك أتت الشرائع
بتقريره، وما كان حسنا في وقت قبيحا في وقت ولم يهتد العقل لوقت حسنه
من وقت قبحه أتت الشرائع بالأمر به في وقت حسنه، وبالنهي عنه في وقت
قبحه.
وكذلك الفعل يكون مشتملا على مصلحة ومفسدة، ولا تعلم العقول
مفسدته أرجح أم مصلحته؟ فيتوقف العقل في ذلك، فتأتي الشرائع ببيان
ذلك، وتأمر براجح المصلحة، وتنهى عن راجح المفسدة.
وكذلك الفعل يكون مصلحة لشخص مفسدهي لغيره، والعقل لا يدرك
ذلك، فتأتي الشرائع ببيانه، فتأمر به من هو مصلحة له، وتنهى عنه من هو
مفسدة في حقه.
وكذلك الفعل يكون مفسدة في الظاهر، وفي ضمنه مصلحة عظيمة لا
يهتدي إليها العقل، فلا تعلم إلا بالشرع، كا لجهاد والقتل في الله. ويكون في
الظاهر مصلحة، وفي ضمنه مفسدة عظيمة لا يهتدي إليها العقل، فتجيء
الشرائع ببيان ما في ضمنه من المصلحة والمفسدة الراجحة.
هذا مع أن ما يعجز العقل عن إدراكه من حسن الافعال وقبحها ليس
بدون ما تدركه (3) من ذلك.
(1) في الاصول: "وقبحه وان تاتي ". فان لم يكن سقما فبما اثبت يستقيم الكلام.
(2) (ت): " وتثميته لا.
(3) اي: العقول. ولعل الصواب: يدركه.
4 5 1 1

الصفحة 1154