كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

فا لحاجة إلى الرسل ضرورية، بل هي فوق كل حاجة، فليس العالم
إ لى شيءٍ أحوج منهم إلى المرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين،
ولهذا يذكر سبحانه عباده نعمه عليهم برسوله، ويعد ذلك عليهم من أعظم
المنن؛ لشدة حاجتهم إليه، ولتوقف مصا لحهم ا لجزئية والكلية عليه، وأنه
لا سعادة لهم ولا فلاح ولا قيام إلا بالرسل.
فاذا كان العقل قد أدرك حسن بعض الافعال وقبحها، فمن أين له معرفة
الله تعالى بأسمائه وصفاته والائه التي تعرف بها الله إلى عباده على ألسنة
رسله؟ ومن أين له معرفة تفاصيل شرعه ودينه الذي شرعه لعباده؟ ومن اين
له تفاصيل مواقع محبته ورضاه، وسخطه وكراهته؟ ومن أين له معرفة
تفاصيل ثوابه وعقابه، وما أعد لاوليائه وما عد لاعدائه، ومقادير الثواب
والعقاب، وكيفيتهما، ودرجا تهما؟ ومن أين له معرفة الغيب الذي لم يظهر
الله عليه أحدا من خلقه إلا من ارتضاه من رسله؟ إلى غير ذلك مما جاءت به
الرسل وبلغته عن الله، وليس في العقل طريق إلى معرفته.
فكيف يكون معرفة حسن بعض الافعال وقبحها بالعقل مغنيا عما
جاءت به الرسل؟!
فظهر أن ما ذكرتموه مجرد تهويل مشحون بالاباطيل، وا لحمد لله.
وقد ظهر بهذا قصور الفلاسفة في معرفة النبوات، و نهم لا علم عندهم
بها إلا كعلم عوام الناس بما عندهم من العقليات، بل علمهم بالنبوات
وحقيقتها وعظم قدرها وما جاءت يه أقل بكثير من علم العامة بعقلياتهم،
فهم عواثم بالنسبة إليها، كما أن من لم يعرف علومهم عوام بالنسبة إليهم!
فلولا النبوات لم يكن في العالم علم نافع البتة، ولا عمل صالح، ولا

الصفحة 1155