كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
والثالث: القوى الطبيعية (1).
وجعلوا جنس الخوارق جنسا واحدا، وأدخلوا ما للسحرة وأرباب
الرياضة والكهنة وغيرهم مع ما للأنبياء و لرسل في ذلك، وجعلوا سبب
ذلك كله واحدا وإن ختلفت بالغايات، والنبي قصده الخير والساحر قصده
الشر!
وهذا المذهب من أفسد مذاهب العالم وأخبثها، وهو مبني على إنكار
الفاعل المختار، وأنه تعا لى لا يعلم ا لجزئيات، ولا يقدر على تغيير العالم،
ولا يخلق شيئا بمشيئته وقدرته، وعلى إنكار ا لجن و لملائكة ومعاد
الاجسام.
وبا لجملة؛ فهو مبني على الكفر بادله وملائكته وكتبه ورسله واليوم
الاخر، وليس هذا موضع الرد على هؤلاء، وكشف باطلهم وفضائحهم، إ ذ
المقصود ذكر طرق الناس في المقصود بالشرائع والعبادات.
وهذه الفرقة غاية ما عندها في العبادات والاخلاق وا لحكمة العلمية
أنهم رأوا النفس لها شهوهب وغضب بقوتها العملية، ولها تصور وعلم بقوتها
العلمية، فقالوا: كمال الشهوة في العفة، وكمال الغضب في الحلم (2)
والشجاعة، وكمال القوة النطرية بالعلم، والتوسط في جميع ذلك بين طرفي
الافراط و لتفريط هو العدل.
هذا غاية ما عند القوم من المقصود بالعبادات والشرائع، وهو عندهم
(1) انظر: " الاشارات " لابن سينا (4/ 0 0 9)، و" لصفدية " (1/ 65 1).
(2) (ق): " ا لحكم ". وهو تحريف.
1158