كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

فهكذا الروح إذا عدمت كمالها وصلاحها من معرفة فاطرها وبارئها،
وكونه أحب شيء إليها، ورضاه وابتغاء الوسيلة إليه آثر شيء عندها، حتى
يكون اهتمامها بمحبته ومرضاته هتمام المحب التام المحبة بمرضاة
محبوبه الذي لا يجد منه عوضا= كانت بمتزلة الملك الذي ذهب منه ملكه،
و صبح أسيرا في ايدي اعاديه يسومونه سوء العذاب.
وهذا الأ لم كامن في النفس، لكن يستره سكر النبهوات، ويواريه
حجاب الغفلة، حتى إذا كشف الغطاء، وحيل بين العبد وبين ما يشتهي، وجد
حقيقة ذلك الا لم، وذاق طعمه، وتجرد ألمه عما يحجبه ويواريه.
وهذا أمر يدرك بالعيان والتجربة في هذه الدار؛ تكون الأسباب المؤلمة
للروج و لبدن موجودة مقتضية لاثارها، ولكن يقوم للقلب من فرحه بحظ
ناله من مال أو جاه أو وصال حبيب ما يواري عنه شهود الأ لم، وربما لا
يشعر به أصلا، فاذ زال المعارض (1) ذاق طعم الأ لم، ووجد مسه، و! ن
اعتبر أحوال نفسه وغيره علم ذلك.
فاذا كان هذا في هذه الدار، فما الظن عند المفارقة والفطام عن الدنيا،
والانتقال إلى الله والمصير إليه؟!
فليتأننل العاقل الفطن الناصح لنفسه هذا الموضع حق التامل، وليشغل
به محل أفكاره (2)، فان فهمه وعقله واستمر إعراضه:
__________
(1) (ت): " ا لعا رض ".
(2) (ط): " كل افكاره ". وفي (ق): " وليشعل " با لمهملة.
1 7 1 1

الصفحة 1171