كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 3)

الثاني، إذ لو لم يكن كذلك كانت طبائع جميع البروج متساوية في تمام
الماهية، فوجب ن يكون أثر الكوكب في جميع البروج ثرا و حدا؛ لان
الاشياء المتساوية في تمام الماهية يمتنع أن تلزمها لوازم مختلفة.
ولما كانت آثار كل كوكب واجبة الاختلاف بسبب اختلاف البروج لزم
القطع بكون البروج مختلفة في الطبيعة والماهية، وهذا يقتضي كون الفلك
مركبا لا بسيطا، وقد قلتم أنتم وجميع الفلاسفة: إن الفلك بسيط لا تركيب
فيه (1).
ومن العجب جواب بعض الأحكاميين (2) عن هذا بأن الكواكب
حيوانات ناطقة فاعلهب بالقصد والاختيار، فلذلك تصدر عنها الافعال
المختلفة!
وهذا مكابرة من هؤلاء ظاهرة؛ فان دلائل التسخير والاضطرار عليها من
لزومها حركهي لا سبيل لها إلى الخروج عنها، ولزومها موضعا من الفلك لا
تتمكن من الانتقال عنه، و طراد سيرها على وجه مخصوص لا تفارقه البتة-
أبين دليل على أنها مسخرة مقهورة على حركا تها، محركة بتحريك قاهر لها، لا
متحركة بإرادتها واختيارها، كما قال تعالى. <والشمس والقمر والتجوم
مسخرت! باض" لا له الحلق وا لأمر لبارك الله رب ا لعالمين > [الاعراف: 4 5].
ثم يقال: لا ينفعكم هذا ا لجواب شيئا، فإن طبائع البروج إن كانت
متساوية في تمام الماهية كان اختصاص كل برج بأثره الخاص ترجيحا
(1) انظر: "نكت الهميان " (65).
(2) نسبة إلى علم أحكام النجوم الذي استطرد المصنف ببيان بطلانه وتهافته.
76 1 1

الصفحة 1176