كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 3)
قلت: هذا العذر من أسقط الأعذار؛ لان النجوم لو كانت كما تزعمون
دالهب على جميع الكائنات الواقعة في هذا العالم لعرف المنجم ذلك الذي
يستقر عليه اختياره على كل حال، شاء تكذيبه أو لم يشأه، فلما لم يكن الامر
كذلك سقط القول بصحة هذا العذر.
فإن قيل: الاشخاص الفلكية مؤثرات، والسفلية قوابل، و يجوز أ ن
تختلف الاحوال الصادرة عن الفاعل بسبب ختلاف القوابل، واذا كان كذلك
فهب أن الدلائل الفلدبية دلت على أنه إنما يختار الخروج من الباب
الفلاني، إلا ن كون ذلك الانسان مشغوفا بتكذيب المنجم حالة حاصلة في
النفس، مانعة من ظهور ذلك الاثر الذي تقتضيه الموجبات الفلكية، فلهذا
الامر لم يحصل الأمر على وفق حكم المنجم.
قيل: إذا قتضت الموجبات الفلكية أثرا أمتنع أن يحصل في النفس ما
يضاده؛ لان تلك الارادات و لميول والعزوم الواقعة في النفس هي عندكم
من موجبات الاثار الفلكية، فيمتنع أن تكون مضادة لموجبها، لا سيما
والمنجم يحكم بأنه إنما تقتضي النجوم أن يريد الانسان كذا وكذا، وليس
حكمه أن الطالع يقتضي كذا وكذا إلا ن يريد الانسان خلافه، هذا ما لا يقوله
أحد منكم؛ فعلم بطلان هذا الاعتذار.
الوجه السابع عشر: أنه لا سبيل إلى معرفة طبائع البروج وطبائع
الكواكب وامتزاجاتها إلا بالتجربة، و قل ما لا بد منه في التجربة أن يحصل
ذلك الشيء على حالة واحدة مرتين، إلا أن الكواكب (1) لا يمكن تحصيل
ذلك فيها؛ لأنه ذا حصل كوكب معين في موضع معين في الفلك وكانت
(1) (ت): "إلا ن تكون الكواكب ".
1198