كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
قيل في هذه الاية أيضا: إنهم عمي وبكم وصم عن الهدى، كما قيل في قوله:
<ونخمؤ- يؤم لنيمة أعمى >، قالوا: لانهم يتكلمون يومئذ، ويسمعون،
ويبصرون.
ومن نصر أنه العمى و لبكم و لصمم المضاد للبصر والسمع والنطق،
قال بعضهم: هو عفى وصمم وبكم مقيد لا مطلق، فهم عمي عن رؤية ما
يسرهم وسماعه. وهذا قد روي عن بن عباس رضي الله عنهما، قال: "لا
يرون شيئا يسرهم " (1).
وقال اخرون: هذا الحشر حين تتوفاهم الملائكة، يخرجون من الدنيا
كذلك، وإذا قاموا من قبورهم إلى الموقف قاموا كذلك، ثم إنهم يسمعون
ويبصرون فيما بعد. وهذا مروي عن الحسن.
وقال آخرون: هذا إنما يكون إذ دخلوا النار واستقروا فيها، سلبوا
الاسماع والابصار والنطق، حين يقول لهم الرب تبارك وتعا لى: < خشوا فيها
ولاتكلمون) [المؤمنون: 108]؛ فحينئذ ينقطع الرجاء، وتبكم (2) عقولهم،
فيصيرون باجمعهم عميا بكما صما؛ لا يبصرون ولا يسمعون ولا ينطقون،
ولا يسمع منهم بعدها إلا الزفير والشهيق. وهذا منقول عن مقاتل (3).
والذين قالوا: المراد به العمى عن ا لحجة، إنما مرادهم أنهم لا حجة
(1) اخرجه الطبري (17/ 0 56).
(2) على المجاز. وفي (ق): "تبلم". اي: تسكت.
(3) انظر: "تفسير مقاتل) " (2/ 273، 3/ 9 1 5)، و" الكشف و 1 لبيان " (6/ 136)، و" زاد
المسير" (5/ 0 9).
122