كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 3)
البلد وخروجه منه، واختياره الطالع لعمارة الدار والبناء بالاهل وغير ذلك؛
فعند الخاصة و لعامة منهم عبر يكفي العاقل بعضها في تكذيب هؤلاء القوم
ومعرفته لافترائهم على الله تعا لى و قضيته وأقداره، بل لا يكاد يعرف أحد
تقيد بالنجوم في ما ياتيه ويذره إلا كب (1) اقيح نكبة و شنعها؛ مقابلة له
بنقيض قصده، وموافاة النحوس له من حيث ظن أنه يفوز بسعده.
فهذه سنة الله في عباده التي لا تبدل، وعادته التي لا تحول: أن من
اطمأن إلى غيره، أو ؤيق بسواه، أو ركن إلى مخلوق يدبره؛ أجرى الله له
بسببه أو من جهته خلاف ما علق به آماله.
وانظر ما كان أقوى تعلق بني برمك بالنجوم، حتى في ساعات أكلهم
وركوبهم وعامة أفعا لهم، وكيف كانت نكبتهم الشنيعة (2).
وانظر حال أبي علي ابن مقلة الوزير، وتعظيمه لعلم أحكام النجوم،
ومراعاته لها شد المراعاة، ودخوله داره التي بناها بطالع زعم الكذابون
المفترون انه طالع سعد لا يرى به في الدار مكروها، فقطعت يده، وبمب في
داره أقبح نكبة بمبها وزير قبله (3).
وقتلى المنجمين اكثر من أن يحصيهم إلا الله عز وجل.
الوجه التاسع عشر: أن هؤلاء القوم قد قروا على أنفسهم وشهادة
بعضهم على بعض بفساد أصول هذا العلم وأساسه.
(1) (د): " إلا ونكب ".
(2) انظر: "التذكرة الحمدونية " (9/ 1 32)، و" تاريخ الطبري " (8/ 287)، و" المنتظم"
(9/ 0 13)، و"البداية والنهاية " (13/ 639).
(3) نظر: "السير" (5 1/ 4 2 2)، و"البداية والنهاية " (5 1/ 23 1).
23 2 1