كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 3)
وسائر ما يتجدد ويحدث ويتخوف ويتمنى.
وسألتني أن أعمل كتابا أذكر فيه بعض ما وقع ا لي من اختلافهم في
أصول الأحكام الدالة على وهمهم وقبح اعتقادهم، وما يستدل به من طريق
النظر والقياس على ضعف مذهبهم، وأ لخص ذلك وأختصره وأقربه بحسب
الوسع والطاقة، فوعدتك بذلك، وقد ضمنته كتا بي هذا، والله أسأل عونا على
ما قرب منه (1)، وتوفيقا لما أزلف لديه، إنه قريب مجيب فعال لما يريد.
لست مستعملا للتحامل على من أثبت تأتير الكواكب في هذا العالم
وترك انصافهم، كما فعل قوم ردوا عليهم، فإنهم دفعوهم عن أن يكون لها
تاتير البتة غير وجود الضياء في ا لمواضع التي تطلع عليها الشمس والقمر،
وعدمه فيما غابا عنه، وما جرى هذا ا لمجرى.
بل أسلم لهم أنها توثر تأتيرا ما يجري على الأمر الطبيعي:
مثل: أن يكون البلد القليل العرض مزاجه يميل عن الاعتدال إلى الحر
واليبس، وكذلك مزاج أهله، وأجسامهم ضعيفة، وألوا نهم سود وصفر،
كالنوبة وا لحبشة، وأن يكون البلد الكثير العرض مزاجه يميل عن الاعتدال
ا لى البرد والرطوبة (2)، وكذلك مزاج أهله، وأجسامهم عبلة (3)، وألوا نهم
بيض وشعورهم شقر، مثل الترك والصقالبة.
ومثل: أن يكون النبات ينمي ويقوى ويشتد ويتكامل وينضج تمره
(1) في الاصول: "قررت منه ". والمثبت من (ط) اشبه.
(2) من قوله: "وكذلك مزاج اهله " إلى هنا ساقط من (ت).
(3) العبل: الضخم من كل شيء. "اللسان لا (عبل).
1239