كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

يوصل إليه أبدا إلا من باب العلم والارادة؛ فالارادة باب الوصول إليه،
والعلم مفتاح ذلك الباب المتوقف فتحه عليه، وكمال كل إنسان إنما يتم
بهذين النوعين: همة ترقيه، وعلم يبصره (1) ويهديه = فإن مراتب السعادة
والفلاح إنما تفوت العبد من هاتين ا لجهتين، أو من إحدا هما:
* إمما ان لا يكون له علم بها، فلا يتحرك في طلبها.
* او يكون عالفا بها ولا تنهض همته إليها.
فلا يزال في حضيض طبعه محبوسا، وقلبه عن كماله الذي حلق له
مصدودا منكوسا، قد أسام نفسه مع الانعام راعيا مع الهمل، واستطاب
لقيمات الراحة والبطالة، واستلان فراش العجز والكسل، لا كمن رفع له (2)
علم فشمر إليه، وبورك له في تفرده في طريق طلبه فلزمه واستقام عليه، قد
أبت غلبات شوقه (3) إلا الهجرة إلى الله ورسوله، ومقتت نفسه الرفقاء إلا
بن سبيل يرافقه في سبيله.
ولما كان كمال الارادة بحسب كمال مرادها، وشرف العلم تابع لشرف
معلومه، كانت نهاية سعادة العبد التي لا سعادة له بدونها ولا حياة له إلا بها
أن تكون إرادته متعلقة بالمراد الذي لا يبلى ولا يفوت، وعزمات همته
مسافرة إلى حضرة الحي الذي لا يموت. ولا سبيل له إلى هذا المطلب
(1) (ت):"يوصله) ".
(2) (ق): " دفع له ". وفي (ت): "وقع له ".
(3) الغلبات: جمع غلبة، مولدة. قال محمد بن داود في " الزهرة " (5 4 2) من ابيات:
أبت غلبات الشوق إلا تقربا إليك وناي العذل إلا تجنبا
وتحرفت العبارة في (ق، ت).
125

الصفحة 125