كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

فاشتملت هذه الكلمات على أنه معطي الموجودات كلها بجميع
أقسامها؛ فان الوجود (1) له مراتب أربع (2):
إحداها: مرتبتها ا لخارجية، المدلول عليها بقوله: < خلق).
ا لمرتبة الثانية: الذهنية، ا لمدلول عليها بقوله: < على افيلنن ما لم يعلم).
المرتبة الثالثة والرابعة: اللفظية والخطية، فالخطية مصرح بها في
قوله: <عفو بالقلو)، واللفظية من لوازم التعليم بالقلم؛ فإن الكتابة فرع النطق،
والنطق فرع التصور.
فاشتملت هذه الكلمات على مراتب الوجود كلها، وأنه سبحانه هو
معطيها بخلقه وتعليمه، فهو الخالق المعلم؛ فكل شي؟ في الخارج فبخلقه
وجد، وكل علم في الذهن فبتعليمه حصل، وكل لفظ في اللسان أو خط في
البنان فبإقداره وخلقه وتعليمه. وهذا من ايات قدرته، وبراهين حكمته، لا إله
إلا هو الرحمن الرحيم.
والمقصود أنه سبحانه تعرف إلى عباده بما علمهم إياه - بحكمته - من
الخط واللفظ والمعنى؛ فكان العلم أحد الادلة الدالة عليه، بل من أعظمها
وأظهرها، وكفى بهذا شرفا وفضلأ له.
الوجه التاسع والثلاثون: انه سبحانه سمى الحجة العلمية سلطانا، قال
آبن عباس رضي الله عنهما: "كل سلطان في القران فهو حجة" (3)، وهذا
(1) (د، ت، ق): " ا لموجود ".
(2) (ق، د، ن): " ا ر بعة ".
(3) علقه البخاري في "الصحبح" (6/ 4 0 1)، ووصله ابن عييعة في " تفسيره"، ومن-
158

الصفحة 158