كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

والنطل) [الرعد: 17]؛ شبه سبحانه العلم الذي أنزله على رسوله بالماء الذي
أنزله من السماء؛ لما يحصل بكل واحد منهما من الحياة ومصالح العباد في
معاشهم ومعادهم.
ثم شبه القلوب بالاودية؛ فقلب كبير يسع علما كثيرا، كواد عظيم يسع
ماء كثيرا، وقلب صغير إنما يسع علما قليلا، كواد صغير إنما يسع ماء قليلا؛
فقال: <فسالت أدلايهم لقدرها >.
<فاختمل السيل زلدا زاسا>: هذا مثل ضربه الله تعا لى للعلم حينتخالط
القلوب بشاشته؛ فانه يستخرج منها زبد الشبهات الباطلة، فيطفو (1) على
وجه القلب، كما يستخرج السيل من الوادي زبدا يعلو فوق الماء.
وأخبر سبحانه أنه راب، أي: يطفو ويعلو على الماء، لا يستقر في أرض
الوادي، كذلك الشبهات الباطلة إذا أخرجها العلم ربت فوق القلب وطفت،
فلا تستقر فيه، بل تجفى وترمى، ويستقر في القلب ما ينفع صاحبه والناس
من الهدى ودين الحق، كما يستقر في الوادي الماء الصا في، ويذهب الزبد
جفاء، وما يعقل عن الله أمثاله إلا العالمون (2).
ثم ضرب سبحانه لذلك مثلا آخر، فقال: <ومضا يومدون علته فى آلنار اتتغاء
حلة أو متج زلد تثد-> يعني: أن مما يوقد عليه بنو آدم من الذهب و لفضة
والنحاس والحديد يخرج منه خبثه، وهو الزبد الذي تلقيه النار وتخرجه
(1) (ت):"فتطفو ا".
(2) انطر لهذا المثل المائيئ، والمثل الناري الذي بعده: "الوابل الصيبأ (133 - 134،
43 1).
165

الصفحة 165