كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
من ذلك الجوهر بسبب مخالطتها، فانه يقذف ويلقى به، ويستقر الجوهر
الخالص وحده.
وضرب سبحانه مثلا بالماء؛ لما فيه من الحياة والتبريد و لمنفعة، ومثلا
بالنار؛ لما فيها من الاضاءة والاشراق و لاحراق، فآيات القرآن تحيي
القلوب كما تحيى الارض بالماء، وتحرق خبثها وشبها تها وشهواتها
وسخائمها كما تحرق النار ما يلقى فيها، وتميز زبدها من زبدها (1) كما
تميز النار الخبث من الذهب والفضة و لنحاس ونحوه منه.
فهذا بعض ما في المثل العظيم من العبرة والعلم، قال الله تعالى:
< ولد لامثل نضربها للناس! وما يعقيآ إلا اتجلمون) [لعنكبوت:
43].
الوجه الثالث والأربعون: ما في "الصحيحين " أيضا من حديث سهل بن
سعد رضي الله عنه أن رسول الله! يم قال لعلي رضي الله عنه: "لأن يهدي بك
الله رجلا واحدا خيز لك من خمر النعم " (2).
وهذا يدل على فضل العلم والتعليم، وشرف منزلة أهله، بحيث إذا
اهتدى رجل واحد بالعالم كان ذلك خيرا له من حمر النعم - وهي خيارها
وأشرفها عند هلها -، فما الظن بمن يهتدي به كل يوم طوائف من الناس!؟!
الوجه الرابع والأربعون: ما روى مسلم في "صحيحه " من حديث أ بي
(1) كذا في الاصول. مضبوطة في (د، ح). و"الربد" جمع زبدة، وهي الخالص من
الشيء. واصلها ما خلص من اللبن إذا مخض.
(2) "صحيح البخاري " (2942)، و" صحيح مسلم " (6 0 4 2).
166