كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
وفيه تنبيه للعلماء على سلوك هدي الانبياء وطريقتهم في التبليغ؛ من
الصبر، والاحتمال، ومقابلة إساءة الناس إليهم بالإحسان، والرفق بهم،
واستجلابهم إلى الله بأحسن الطرق، وبذل ما يمكن من النصيحة لهم؛ فانه
بذلك يحصل لهم نصيبهم من هذا الميراث العظيم قدره، الجليل خطره.
وفيه - أيضا - تنبيه لاهل العلم على تربية الامة كما يربئي الوالد ولده؛
فيربونهم بالتدريج والترقي من صغار العلم إلى كباره، وتحميلهم منه ما
يطيقون، كما يفعل الاب بولده الطفل في إيصال (1) الغذاء إليه؛ فإن أرواح
البشر بالنسبة إلى الانبياء و لرسل كالاطفال بالنسبة إلى ابائهم، بل دون هذه
النسبة بكثير، ولهذا كل روج لم يربها الرسول (2) لم تفلح ولم تصلح
لصالحة؛ كما قيل:
ومن لا سربيه الرسول ويسقه لبان هدى (3) قد دز من ثدي قدسه
فذاك لقيط ما له نسبة الولا ولا يتعدى طور أبناء جنسه
وقوله: " إن الانبياء لم يورثوا دينارا ولا در هما، إنما ورثوا العلم "، هذا
من كمال الانبياء وعظم نصحهم للأمم، وتمام نعمة الله عليهم وعلى أممهم؛
أن أزاح جميع العلل، وحسم جميع المواد التي توهم بعض النفوس أ ن
الانبياء من جنس الملوك الذين يريدون الدنيا وملكها؛ فحماهم سبحانه
وتعا لى من ذلك أتم الحماية.
(1) (ن، ح): " إيصا له ".
(2) (ن): " تر بها ا لرسل ".
(3) (ح، ن): "لبانا له". و لبيتان لم اعثر عليهما في مصدر اخر.
180