كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وقوله: "فمن أخذه أخذ بحأ وافر"، أعظم الحظوظ واجداها ما نفع
العيد ودام نفعه له، وليس هذا إلا حظه من العلم والدين؛ فهو الحظ الدائم
النافع الذي إذا انقطعت الحظوظ لاربابها فهو موصولى له أبد الابدين؛
وذلك لانه موصولى بالحي الذي لا يموت، فلذلك لا ينقطع ولا يفوت،
وسائر الحظوظ تعدم وتتلاشى بتلاشي متعلقاتها، كما قال تعالى: < وفدمنا
إك ما عملؤا مق عملى فجعلنة هبا منثورا) [الفرقان: 23]؛ فان الغاية لما كانت
منقطعة زائلة تيعتها أعمالهم، فانقطعت عنهم أحوج ما يكون العامل إلى
عمله. وهذه هي المصيبة التي لا تجبر، عياذ بالله، و ستعانة به، وافتقارا إليه،
وتوكلا عليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وقوله: "موت العالم مصيبة لا تجبر، وثلمة لا تسد، ونجم طمس،
وموت قبيلة أيسر من موت عالم "، لما كان صلاح الوجود بالعلماء،
ولولاهم كان الناس كاليهائم، بل أسو حالا؛ كان موت العا لم مصيية لا
يجيرها إلا خلف غيره له.
و يضا؛ فإن العلماء هم الذين يسوسون العباد واليلاد والممالاب،
فموتهم فساد لنظام العالم؛ ولهذا لا يزال الله يغرس في هذا الدين منهم
خالفا عن سالف، يحفظ بهم دينه وكتابه وعباده.
وتامل: إذا كان في الوجود رجل قد فاق العالم في الغنى والكرم،
وحاجتهم إلى ما عنده شديدة، وهو محسن إليهم بكل ممكن، ثم مات
وانقطعت عنهم تلك المادة؛ فموت العالم أعظم مصيية من موت مثل هذا
بكثير، ومثل هذا يموت بموته امم وخلائق، كما قيل:
183

الصفحة 183