كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

فهذا بعض ما حتج به القائلون بهذا المذهب.
وعلى هذا، فاسكان آدم وذريته في هذه الجنة لا ينافي كونهم في دار
الابتلاء والامتحان، وحينئذ فكانت (1) تلك الوجوه والفوائد التي ذكر تموها
ممكنة الحصول في الجنة.
فالجواب أن يقال: هذا فيه قولان للناس، ونحن نذكر القولين،
واحتجاج الفريقين، ونبين ثبوت الوجوه التي ذكرناها و مثا لها على كلا
القولين.
ونذكر أولا قول من قال: إنها جنة الخلد التي وعدها الله المتقين، وما
آحتجوا به، وما نقضوا به حجج من قال: إنها غيرها، ثم نتبعه مقالة الاخرين
وما احتجوا به، وما جابوا به عن حجج منازعيهم، من غير نتصاب لنصرة
حد القولين وابطال الاخر؛ إذ ليس غرضنا ذلك، وانما الغرض ذكر بعض
الحكم والمصالح المقتضية لاخراج آدم من ا لجنة، واسكانه في الارض في
دار ا لابتلاء وا لامتحان.
وكان الغرض بذلك الرد على من زعم ان حكمة الله سبحانه تابى إدخال
آدم الجنة وتعريضه للذنب الذي اخرج منها به، و نه أي فائدة في ذلك،
والرد على من أبطل أن يكون له في ذلك حكمة، وانما هو صادر عن محض
المشيئة التي لا حكمة وراءها.
ولما كان المقصود حاصلا على كل تقدير - سواء كانت جنة الخلد أو
غيرها - بنينا الكلام على التقديرين، ورأينا ن الرد على هؤلاء بدبوس
__________
(1) (ق، ن):"كانت ".
36

الصفحة 36