كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
كالغني إذا أعطى الفقير ر س مال (1) يتجر به حتى يصير غنيا مثله.
الوجه الثالث والتلاثون: أن جمع المال مقرون بثلاثة انواع من الافات
والمحن: نوع قبله، ونوع عند حصوله، ونوع بعد مفارقته.
كك! فاما النوع الأول: فهو المشاق والانكاد والالام التي لا يحصل إلا
بها.
* وأما النوع الثاني: فمشقة حفظه وحراسته وتعفق القلب به، فلا يصبح
إلا مهموما، ولا يصمي إلا مغموما.
فهو بمنزلة عاشق مفرط المحبة قد ظفر بمعشوقه، والعيون من كل
جانب ترمقه، والالسن والقلوب ترشقه، فأي عيش و ي لذة لمن هذه
حاله؟! وقد علم أن أعداءه وحساده لا يفترون عن سعيهم في التفريق بينه
وبين معشوقه وان لم يظفروا هم به، ولكن مقصودهم أن يزيلوا اختصاصه
به دونهم، فان فازوا به والا استووا في ا لحرمان، فزال الاختصاص المؤلم
للنفوس.
ولو قدروا على مثل ذلك مع العالم لفعلوه، ولكنهم لما علموا أنه لا
سبيل إلى سلبه علمه (2) عمدو 1 إلى جحده وانكاره؛ ليزيلوا من القلوب
محبته وتقديمه والثناء عليه، فإن بهر علمه وامتنع عن مكابرة ا لجحود
والانكار رموه بالعظائم، ونسبوه إلى كل قبيح؛ ليزيلوا من القلوب محبته
ويسكنوا موضعها الئفرة عنه وبغضه. وهذا شغل السحرة بعينه؛ فهؤلاء
سحرة بالسنتهم.
(1) (ح): "رأس ماله ". وهو تحريف.
(2) (ق): "إلى سلبه ". (ح): "إ لى سلب علمه ". (ت): " إلى سلبه وعلمه ".
373