كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
منشا (1) الافات والالام و نواع النكد، ولو لم يكن إلا ختلاف أخلاق
الناس وطبائعهم وإرادا تهم؛ فقبيح هذا حسن ذاك، ومصلحة ذاك مفسدة
هذا، ومنفعة هذا مضرة الاخر، وبالعكس؛ فهو مبتلى بهم، فلا بد من وقوع
النفرة والتباغض والتعادند بينهم وبينه؛ فإن إرضاءهم كلهم محال، وهو
جمع بين الضدين، وارضاء بعضهم وإسخاط غيره سبب الشر والمعاداة.
وكلما طالت المخالطة زدادت أسباب الشر والعداوة وقويت؛ وبهذا
السبب كان الشر ا لحاصل من الاقارب والعشراء أضعاف الشر ا لحاصل من
الاجانب والبعداء.
وهذه المخالطة إنما حصلت من جانب الغنى بالمال، أما إذا لم يكن فيه
فضيلة (2) لهم فانهم يتجنبون مخالطته ومعاشرته، فيستريح من اذى الخلطة
والعشرة.
وهذه الافات معدومة في الغنى بالعلم.
ا لخامس والثلاثون: أن المال لا يراد لذاته وعينه؛ فإنه لا يحصل بذاته
شيء من المنافع أصلا؛ فانه لا يشبع ولا يروي، ولا يدفىء ولا يمتع (3)،
وإنما يراد لهذه الاشياء؛ فانه لما كان طريقا إليها أريد إرادة الوسائل، ومعلوم
أن الغايات أشرف من الوسائل؛ فهذه الغايات إذا أشرف منه، وهي مع شرفها
بالنسبة إليه ناقصة دنية.
(1) (د، ق، ت): "فذلك منشأ".
(2) (ح، ن): "فضلة]].
(3) (ق، ن، ت، ح): " يمنع لا.
375