كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
مثاله (1): لذة الاكل؛ فإن العاقل لو نظر إلى طعامه حال مخالطته ريقه
وعجنه به لنفرت نفسه منه، ولو سقطت تلك اللقمة من فيه لنفر طبعه من
إعادتها إليه.
ثم إن لذته به إنما تحصل في مجرى نحو الاربع الاصابع (2)، فإذا فصل
عن ذلك المجرى زال تلذذه به، فاذا استقر في معدته وخالطه الشراب وما
في المعدة من الاجزاء الفضلية، فانه حيحئذ يصير في غاية الخسة (3)، فإن زاد
على مقدار ا لحاجة أورث الادواء المختلفة على تنوعها، ولولا ن بقاءه
موقوف على تناول (4) الغذاء لكان تركه - وا لحالة هذه - أليق به، كما قال
بعضهم:
لولا قضاء جرى نزهت أنملتي عن أن تلم بمأكول ومشروب (5)
و ما لذة الوقاع، فقدرها أبين من أن تذكر افاته، ويدل عليه أن أعضاء
هذه اللذة هي عورة الانسان التي يستحيي من رؤيتها وذكرها، وسترها أمر
فطر الله عليه عباده، ولا تتم لذة المواقعة إلا بالاطلاع عليها وابرازها،
(1) (ت، د، ق):"مثال".
(2) (ق): " نحو الاربع اصابع ". وهو المريء، وإنما سمي بذلك لمروء الطعام فيه، وهو
انسياغه، كما في " الكشاف " (1/ 2 0 5). وفسر قوله: <فكلوه هني! مرتا) في ا حد
القولين بأنه: اسرع انحدارا عن المريء؟ لسهوله وخفته عليه. انظر: " زاد المعاد"
(4/ 231).
(3) (ن، ح): "الخساسة ".
(4) (ق): " تعاوله ".
(5) البيت لعبد القاهر الجرجا ني شيخ العربية، في " ربيع الابرار" (2/ 675).
379