كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
والتلطخ بالرطوبات المستقذرة لمتولدة منها، ثم إن تمامها إنما يحصل
بانفصال النطفة، وهي اللذة المقصودة من الوقاع، وزمنها يشبه الان الذي لا
ينقسم (1)؛ فصعوبة تلك المزاولة والمحاولة والمطاولة و لمراوضة (2)
والتعب لاجل لذة لحظة كمر الطرف! فأي مقايسة بين هذه اللذة وبين التعب
في طريق تحصيلها؟!
وهذا يدل على أن هذه اللذة ليست من جنس الخيرات والسعادات
والكمال الذي خلق له العبد، ولا كمال له بدونه.
بل ثم أمر وراء ذلك كله قد هتىء له العبد وهو لا يفطن له، فهو لغفلته
عنه، وإعراضه عن التفتيش عليه حتى يطفر بمعرفته، وعن التفتيش على
طريقه حتى يصل إليه - يسوم نفسه مع الانعام السائمة.
قد هيؤوك لامر لو فطنت له! ار! أ بنفسك أن ترعى مع الهل (3)
وموقع هذه اللذة من النفس كموقع لذة البراز (4) من رجل احتبس في
موضع لا يمكنه القيام إلى الخلاء، وصار مضطرا إليه؟ فإنه يجد مشقة
شديدة وبلاء عظيماً، فإذا تمكن من الذهاب إلى الخلاء وقدر على دفع ذلك
(1) وهو الحذ لذي يتصل به اخر الزمان الماضي بأول الزمان المستقبل، بمنزلة النقطة
التي يتصل بها الخطان حتى يصيرا و حدا، فتكون النقطة مبدا لاحد الخطين ومنتهى
للخط الاخر. انظر: " شرح اد ب الكاتب " للجواليقي (57)، و"الكليات " (827)،
و"المعجم الفلسفي " (1/ 28).
(2) (ت). "والمواوحة ".
(3) اخر بيت من لامية الطغرائي المشهورة بلامتة العجم، في ديوانه (9 0 3).
(4) البراز: الفضابر الواسع. وبالكسر: كاناية عن الغائط. "الصحاج " (برز).
0 8 3