كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
فان القلب يجري مجرى مرآة منصوبة على جدار، وذلك ا لجدار ممر
لانواع المشتهيات (1) والملذوذات والمكروهات، فكلما مر به شيء من
ذلك ظهر فيه أثره.
فان كان محبوبا مشتهى مال طبعه إليه، فان لم يقدر على تحصيله تألم
وتعذب بفقده، وان قدر على تحصيله تأ لم في طريق الحصول بالتعب
و لمشقة ومنازعة الغير له، ويتا لم حال حصوله خوفا من فراقه (2)، وبعد
فراقه حزنا على ذهابه.
وان كان مكروها له ولم يقدر على دفعه تألم بوجوده، وان قدر على
دفعه اشتغل بدفعه، ففاتته مصلحة راجحة ا لحصول، فيتأ لم لفواتها.
فعلم ان هذا القلب أبدا مستغرق في بحار الهموم والغموم والاحزان،
وأن نفسه تضحك عليه وترضيه بوزن ذرة من لذته (3)، فيغيب بها عن شهوده
القناطير من أ لمه وعذابه.
فاذا حيل بينه وبين تلك اللذة ولم يبق له إليها سبيل، تجرد ذلك الا لم
وأحاط به و [ستولى عليه من كل جهاته، فقل ما شئت في حال عبد قد غيب
عنه سعده وحظوظه وأفراحه، وأحضر شقوته وهمومه وغمومه وأحزانه.
وبين العبد وبين هذه ا لحال أن يكشف (4) الغطاء، ويرفع الستر، وينجلي
الغبار، ويحصل ما في الصدور.
(1) (ت): " ا لشبهات ". (ن): " ا لمشتبهات ".
(2) (ن): " فوا ته ".
(3) (ح): " من لذة من لذته ".
(4) (ق، د): " ينكشف ".
382