كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
ومن هذا ما قيل: "إذا أكرمك الناس لمال أو سلطان فلا يعجبنك ذلك؛
فإن زوال الكرامة بزوا لهما، ولكن ليعجبك (1) إن أكرموك لعلم أو دين " (2).
وهذا أمر لا ينكر في الناس؛ حتى إنهم ليكرمون الرجل لثيابه، فإذا
نزعها لم ير منهم تلك الكرامة وهو هو!
قال مالك: "بلغني أن أبا هريرة دعي إلى وليمة فأتى، فحجب، فرجع
فلبس غير تلك الثياب، فأدخل، فلما وضع الطعام أدخل كمه في الطعام،
فعوتب في ذلك، فقال: إن هذه الثياب هي التي أدحلت، فهي تأكل". حكاه
ابن مزين الطليطلي في "كتابه " (3).
وهذا بخلاف صنيعة العلم، فإنها لا تزول أبدا، بل كلما لها (4) في
زيادة، ما لم يسلب ذلك العالم علمه.
وصنيعة العلم والدين أعظم من صنيعة المال؛ لانها تكون بالقلب
واللسان و 1 لجو رح، فهي صادرة عن حب واكرام لاجل ما أودعه الله تعا لى
(1) (د، ت، ق، ن):"ليعجبنك".
(2) قاله ابن المقفع في "الادب الكبير" (0 1 1). وعنه في " عيون الاخبار" (2/ 1 12)،
و"ا لجامع " لابن عبد البر (1/ 265)، وغيرها.
(3) انظر ما تقدم (ص: 82) بشأن ابن مزين. وا لخبر لم اقف عليه. وأصل القصة مشهور،
وقد وردت من حديث ابن عباس مرفوعا، اخرجه الطبر ني في " الاوسط " (7 0 71)،
ولا يثبت، و خرجه معمر في " ا لجامع " (1 1/ 437، 438) مرسلأ، وهو الصواب.
(4) (ت، ح، ن): "كل مالها". وهو تركيب محدث يفيد معنى الى*ستمرار. واستعمله
المصنف في "إعلام الموقعين " (2/ 257)، والذهبي في " تاريخ الالسلام"
(5 1/ 26 4)، وابن كثير في "البداية والنهاية " (9/ 2 52)، وغيرهم، ولا زال
مستعملا. ويمكن ان تكون (ما) موصولة.
389