كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

إياه من علمه وفضله به على غيره.
وأيضا؛ فصنيعة العلم تابعة لنفس العالم وذاته، وصنيعة المال تابعة
لماله المنفصل عنه.
و يضا؛ فصنيعة المال صنيعة معاوضة، وصنيعة العلم والدين صنيعة
حب وتقرب وديانة.
وأيضا؛ فصنيعة المال تكون مع البر والفاجر، والمؤمن والكافر، وأما
صنيعة العلم والدين فلا تكون إلا مع أهل ذلك.
وقد يراد من هذا أيضا معنى آخر؛ وهو أن من صطنعت عنده صنيعة
بمالك، إذا زال ذلك المال وفارقه عدمت صنيعتك عنده، و ما من صطنعت
إليه صنيعة علم وهدى فإن تلك الصنيعة لا تفارقه أبدا، بل ترى في كل وقت
كأنك أسديتها إليه حينئذ.
* قوله: "مات خزان الأموال وهم أحياء"؛ قد تقدم بيانه.
* وكذلك قوله: "والعلماء باقون ما بقي الدهر".
* وقوله: " أعيا نهم مفقودة، وأمثا لهم في القلوب موجودة "؛ ا لمراد
ب "أمثالهم " صورهم العلمية، ووجودهم المثا لي، أي: وإن فقدت ذو تهم
فصورهم و مثالهم في القلوب لا تفارقها، وهذا هو الوجود الذهني العلمي؛
لان محبة الناس لهم، واقتداءهم بهم، وانتفاعهم بعلومهم، يوجب أن لا
يزالوا نصب عيونهم، وقبلة قلوبهم، فهم موجودون معهم، وحاضرون
عندهم، وان غابت عنهم أعيانهم، كما قيل:
390

الصفحة 390