كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

خفافيش البصائر.
وكل أهل نحلة ومقالة يكسون نحلتهم ومقالتهم أحسن ما يقدرون عليه
من الالفاظ، ومقالة مخالفيهم أقيح ما يقدرون عليه من الألفاظ (1)، ومن
رزقه الله بصيرة فهو يكشف بها حقيقة ما تحت تلك الالفاظ من الحق
و 1 لباطل، ولا يغتر باللفظ، كما قيل في هذا المعنى:
تقول هذا جنى النحل (2) تمدحه وان تشأ قلت ذا قيء الزنابير
مدحا وذما وما جاوزت وصفهما والحق قد يعتريه سوء تعبير (3)
فإذا أردت الاطلاع على كنه المعنى: هل هو حق او باطل؟ فجرده من
لباس العبارة، وجرد قلباش من النفرة والميل، ثم أعط النظر حقه، ناظرا بعين
الانصاف، ولا تكن ممن ينظر في مقالة أصحابه ومن يحسن ظنه به نظرا تاما
بكل قلبه، ثم ينظر في مقالة خصومه ومن يسيء ظنه به كنظر الشزر
وا لملاحظة.
فالناظر بعين العداوة يرى المحاسن مساوىء، والناظر بعين المحبة
عكسه، وما سلم من هذا إلا من أراد الله كرامته و رتضا 5 لقبول الحق، وقد
قيل (4):
(1) انظر: "بيان تلبيس لجهمية" (2/ 344).
(2) كذا في الاصول. ورواية الديوان وكثير من ا لمصادر: " مجاج النحل ".
(3) البيتان لابن الرومي في "ديوانه " (4 4 1 1)، ولهما ثالث.
(4) البيت لعبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، في "الاغاني"
(2 1/ 2 1 2)، و"الكامل " (277)، و"عيون الاخبار" (3/ 76)، و" زهر الاداب "
(1/ 85)، وغيرها. وفي نسبته خلاف. انظر: " الواضح المبين " (4 4).
397

الصفحة 397