كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
فما لصاحب اللذات وما لدرجة وراثة الانبياء!
فدع عنك الكتابة لست منها ولو سودت وجهك بالمداد (1)
فإن العلم صناعة القلب وشغله؛ فما لم يتفرغ لصناعته وشغله لم ينلها،
وله وجهة واحدة؛ فإذا وجهت وجهته إلى اللذات والشهوات انصرفت عن
العلم.
(2) 1 (3)
ومن دم تغلب لذة إدراكه للعلم وشهوته على لذة جسمه وشهوة
نفسه لم ينل درجة العلم أبدا، فإذا صارت شهوته في العلم ولذته في إدراكه
رجي له أن يكون من جملة أهله.
ولذة العلم لذة عقلية روحانية من جنس لذة الملائكة، ولذة شهوات
الاكل والشراب والنكاح لذة حيوانية يشارك الإنسان فيها ا لحيوان، ولذة
الشر والظلم والفساد والعلو في الارض! شيطانية يشارك صاحبها فيها إبليس
وجنوده.
وسائر اللذات تبطل بمفارقة الروح البدن، إلا لذة العلم والإيمان، فإنها
تكمل بعلم المفارقة؛ لان البدن وشواغله كان ينقصها ويقللها ويحجبها، فإذا
انطوت الروح عن البدن التذت لذة كاملة بما حصلته من العلم النافع
والعمل الصالح؛ فمن طلب اللذة العظمى، واثر النعيم المقيم، فهو في العلم
والإيمان اللذين بهما كمال سعادة الإنسان.
(1) ثاني بيتين في "ادب الكتاب " للصو لي (171)، و" حماسة الظرفاء" (2/ 08 1)،
و"العقد" (4/ 1 7 1، 6/ 33 1)، وغيرها، دون نسبة.
(2) (ح): " وما". وهي ساقطة من (ت).
(3) (د): "يغلب ". وهي بتشديد اللام ونصب "لذة " قراءة جيدة.