كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
وأيضا؛ فان تلك اللذات سريعة الزوال، وإذا نقضت أعقبت هما وغما
و لما يحتاج صاحبها أن يداويه بمثلها دفعا لالمه، وربما كان معاودته لها
مؤلما له كريها إليه، لكن يحمله عليه مداواة ذلك الغم والهم.
فأين هذا من لذة العلام، ولذة الايمان بالله، و محبته، والاقبال عليه،
والتنعم بذكره؟! فهذه هي اللذة الحقيقية.
الصنف الرابع: من حرصه وهمته في جمع الاموال وتثميرها
وادخارها، فقد صارت لذته في ذلك، وفني بها عما سواه، فلا يرى شيئا
أطيب له مما هو فيه، فأين هذا ودرجة العلم؟!
فهؤلاء الأصناف الأربعة ليسوا من دعاة الدين، ولا من أئمة العلم، ولا
من طلبته الصادقين في طلبه، ومن تعلق منهم بشيء منه فهو من المتسلقين
عليه، المتشبهين بحملته وأهله، المدعين لوصاله، المبتوتين من حباله.
وفتنة هؤلاء فتنة لكل مفتون؛ فإن الناس يتشبهون بهم؛ لما يطنون
عندهم من العلام، ويقولون: "لسنا خيرا منهم، ولا نرغب بأنفسنا عنهم "؛
فهم حجة لكل مفتون، ولهذا قال فيهم بعض الصحابة الكرام: "احذرو فتنة
العالم الفاجر والعابد ا لجاهل؛ فان فتنتهما فتنة لكل مفتون) " (1).
* وقوله: "أقرب شبها بهم الأنعام السائمة "؛ هذا التشبيه ماخوذ من قوله
تعا لى: <إن هم لآ؟ لائفم بل هئم اضلَسبيلا > [الفرقان: 4 4]، فما قتصر سبحانه
(1) اخرجه نعيم بن حماد في زوائده على "الزهد" لابن المبارك (75)، وا حمد في
"العلل لما (3/ 18 1 - رواية عبد الله)، وابن ابي حاتم في " تقدمة ا لجرح والتعديل"
(88)، وغيرهم عن سفيان الثوري قال: " كان يقال. . . " فذكره ه
واخرجه البيهقي في " المدخل " (43 4) عن الشعبي.
1 0 4