كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
هذا معنى هذه الاية.
وقد يقع في وهم كثير من الجهال أن الشريعة لا احتجاج قيها، وأن
المرسل بها غ! لم يكن يحتج على خصومه ولا يجادلهم، ويظن جهال
المنطقيين وفروخ اليونان أن الشريعة خطاب للجمهور ولا احتجاج فيها،
و ن الانبياء دعوا ا لجمهور بطريق الخطابة، وا لحجج للخواص، وهم أهل
البرهان، يعنون نفوسهم ومن سللش طريقتهم.
وكل هذا من جهلهم بالشريعة والقران؛ فان القران مملوء من ا لحجج
والادلة والبراهين في مسائل التوحيد واثبات الصانع و لمعاد وإرسال الرسل
وحدوث العا لم (1)، فلا يذكر المتكلمون وغيرهم دليلا صحيحا على ذلك
إلا وهو في القران بأحسن عبارة، و وضح بيان، و تم معتى، و بعده عن
الايرادات والاسئلة.
وقد اعترف بهذا حذاق المتكلمين من المتقدمين والمتأخرين.
قال أبو حامد في اول "الاحياء" (2): "فان قلت: فلم لم تورد في اقسام
العلم الكلام والفلسفة، وتبين انهما مذمومان أو ممدوحان؟
فاعلم أن حاصل ما يشتمل عليه الكلام من الأدلة التي ينتفع بها فالقران
والاخبار مشتملة عليه، وما خرج عنهما فهو إما مجادلة مذمومة، وهي من
البدع كما سيأتي بيانه، واما مشاغبة بالتعلق بمناقضات الفرق، وتطويل بنقل
المقالات التي أكثرها ترهات وهذيانات تزدريها الطباع وتمجها الاسماع،
(1) انظر بسطها في "الادلة العقلية النقلية على اصول الاعتقاد" لسعود لعريفي (1 9 1 -
586).
(2) (1/ 22).
409