كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
أراها وان كانت تحب فانها سحابة صيف عن قليل تقشع (1)
فترخلت عن قلوبهم مدبرة كما ترخلت عن أهلها موئية، و قبلت
الاخرة إلى قلوبهم مسرعة كما أسرعت إلى الخلق مقبلة، فامتطوا ظهور
العزائم، وهجروا لذة المنام، وما ليل المحب بنائم.
علموا طول الطريق وقلة المقام في منزل التزود فسارعوا في الجهاز،
وجد بهم السير إلى منازل الاحباب فقطعوا المراحل وطوو المفاوز (2).
وهذا كله من ثمرات اليقين؛ فان القلب إذا ستيقن ما مامه من كرامة الله
وما عد لاوليائه - بحيث كانه ينظر إليه من وراء حجاب الدنيا، ويعلم نه إذا
زال الحجاب رأى ذلك عيانا - زالت عنه الوحشة التي يجدها المتخلفون،
ولان له ما ستوعره المترفون.
وهذه المرتبة هي أول مراتب اليقين؛ وهي علمه وتيقنه، وهي نكشاف
المعلوم للقلب، بحيث يشاهده ولا يشك فيه، كانكشاف المرئيئ للبصر.
ثم تليها المرتبة الثانية؛ وهي مرتبة عين اليقين، ونسبتها إلى العين كنسبة
الاول إلى القلب.
ثم تليها ا لمرتبة الثالثة؛ وهي حق اليقين، وهي مباشرة المعلوم وادراكه
الادراك التام.
فالاو لى كعلمك بأن في هذا الوادي ماء، والثانية كرويته، والثالثة
(1) البيتان لعمران بن حطان - أيضا -، من مقطعة اخرى في " الزهد" لابن ابي الدنيا
(9 1 2)، وفي "ديوان شعر الخوارج " (173) مزيد تخريج.
(2) كذا في الاصول. ـولعلها محرفة عن: المفاز. وهو لمفازة. ليستقيم السجع.
9 1 4