كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

صحبتك إذ عيني عليها غشاوة فلما انجلت قطعت نفسي ألومها (1)
ولو تنقلت الروح في المواطن كلها والمنازل، لم تستقر ولم تطمئن إلا
في وطنها ومحلها الذي خلقت له، كما قيل:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الاول
كم منزل في الارض يألفه الفتى وحنينه أبدا لاول منزل (2)
وإذا كانت الروح تحن أبدا إلى وطنها من الأرض مع قيام غيره مقامه
في السكنى، وكثيرا ما يكون غير وطنها أحسن و طيب منه، وهي إنما (3)
تحن إليه، مع أنه لا ضرر عليها ولا عذاب في مفارقته إلى مثله، فكيف
بحنينها إلى الوطن الذي في فراقها له عذابها و لمها وحسرتها التي لا
تنقضي؟!
فالعبد المؤمن في هذه الدار سبي من الجنة إلى دار التعب والعناء، ثم
ضرب عليه الرق فيها، فكيف يلام على حنينه إلى داره التي سبي منها،
وفرق بينه وبين من يحب، وجمع بينه وبين عدوه؟!
فروحه دائما معلقة بذلك الوطن، وبدنه في الدنيا.
ولي من أبيات في ذلك (4):
(1) البيت للحارث بن خالد المخزومي، يخاطب عبد لملك بن مروان، في "الكامل!
(1 5 0 1). وفي مجموع شعره (1 0 1) مزيد تخريج.
(2) البيتان لابي تمام، في ديوانه (4/ 253).
(3) (ن، ح): "وهي دائما".
(4) من ميمية طويلة، في "طريق الهجرتين " (8 0 1)، و"حادي الارواح " (4 1).
4 2 4

الصفحة 424