كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

ومن الناس من يقول: تعلم أصول الفقه فرض كفاية؛ لانه العلم الذي
يعرف به الدليل ومرتبته، وكيفية الاستدلال.
وهذه الاقوال وإن كانت أقرب إلى الصواب من القول الاول، فليس
وجوبها عاما على كل أحد، ولا قي كار وقت، وإنما تجب وجوب الوسائل
في بعض الازمان وعلى بعض الاشخاص، بخلاف الفرض الذي يعم
وجوبه كل أحد؛ وهو علم الإيمان وشرائع الإسلام، فهذا هو الواجب، و ما
ما عداه فان توقفت معرفته عليه فهو من باب ما لا يتم الواجب إلا به، ويكون
الواجب منه القدر الموصل إليه، دون المسائل التي هي فضلة لا يفتقر
معرفة الخطاب وفهمه عليها.
فلا يطلق القول بأن علام العربية واجب على الإطلاق؛ إذ الكثير منه
ومن مسائله وبحوثه لا يتوقف فهم كلام الله ورسوله عليها (1).
وكذلك أصول الفقه، القدر الذي يتوقف فهم الخطاب عليه منه تجب
معرفته، دون المسائل المقدرة والابحاث التي هي فضلة، فكيف يقال: إ ن
تعلمها واجب؟!
وبا لجملة؛ فالمطلوب الواجب من العبد من العلوم والاعمال إذ توقف
على شيء منها كان ذلك الشيء واجبا وجوب الوسائل، ومعلوم أن ذلك
التوقف (2) يختلف باختلاف الاشخاص والازمان والالسنة والاذهان؛
(1) لكن ما يتوقف فهم الكلام عليه لا يوصل إليه إلا بتعلم كثيرٍ مما لا يحتاج إليه، فصار
لثا ني مما لا يتم الواجب إلا به. وللخليل بن احمد عبارة مشهورة في هذا. نظر:
" بهجة المجالس " (1/ 67)، و" نصرة الثالر" للصفدي (67).
(2) (ت): "المتوقف ".
450

الصفحة 450