كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
فأخبر في هذا الحديث أن أعلم عباده الذي لا يشبع من العلم، فهو
يجمع علم الناس إلى علمه؛ لنهمته في العلم، وحرصه عليه.
ولا ريب أن كون العبد أعلم عباد الله (1) من اعظم أوصاف كماله، وهذا
هو الذي حمل موسى على الرحلة إلى عالم الارض ليعلمه مما علمه الله.
هذا وهو كليم الرحمن، و كرم الخلق على الله في زمانه، و علام لخلق،
فحمله حرصه ونهمته في العلم على الرحلة إلى العالم الذي وصف له.
فلولا ن العلم أشرف ما بذلت فيه المهج، و نفقت فيه الانفاس،
لاشتغل موسى عن الرحلة إلى الخضر بما هو بصدده من امر الامة، وعن
مقاساة النصب و [لتعب في رحلته وتلطفه للخضر في قوله: <هل أتئعك عى
أن تعلمن مماعقعت رشدا) [الكهف: 66]، فلم ير اتباعه حتى استأذنه في ذلك
و خبره أنه جاء متعلما مستفيدا.
فهذا النبي الكريم كان عالما بقدر العلم و هله، صلوات الله وسلامه
عليه.
الوجه الرابع والثلاثون بعد المئة: أن الله سبحانه وتعا لى خلق الخلق
لعبادته ا لجامعة لمحبته وايثار مرضاته، المستلزمة لمعرفته، ونصب للعباد
علما لا كمال لهم إلا به؛ وهو ن تكون حركاتهم كلها واقعة على وفق
مرضاته و محبته، ولذلك ارسل رسله، و نزل كتبه، وشرع شرائعه.
فكمال العبد الذي لا كمال له إلا به أن تكون حركاته موافقة لما يحبه
الله منه ويرضاه له.
(1) (ق): "اعظم عباد الله ". وهو تحريف.
2 5 4