كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
خبرا عن غيرهم. فالتأويل: فإن يكفر قومك من قريش يا محمد بآياتنا،
وكذبوا بها، وجحدوا حقيقتها، فقد ستحفظناها و سترعينا القيام بها رسلنا
و نبياءنا من قبلك، الذين لا يجحدون حقيقتها ولا يكذبون بها، ولكنهم
يصدقون بها ويؤمنون بصحتها".
قلت: السورة مكية، والإشارة بقوله: <فولاء) إلى من كفر به من قومه
أصلا، ومن عداهم تبعا، فيدخل فيها من كفر بما جاء به من هذه الامة.
والقوم الموكلون بها هم الانبياء أصلا، والمؤمنون بهم تبعا، فيدخل
فيها كل من قام بحفظها والذب عنها والدعوة إليها، ولا ريب أن هذا للأنبياء
أصلا وللمؤمنين بهم تبعا، وأحق من دخل فيهم من أتباع الرسول خلفاؤه في
أمته وورثته، فهم الموكلون بها.
وهذا ينتظم الاقوال التي قيلت في الاية.
و ما قول من قال: إنهم الملائكة؛ فضعيف جدا لا يدل عليه السياق،
وتأباه لفظة "قوم "؛ إذا الغالب في القرآن - بل المطرد - تخصيص القوم ببني
آدم دون الملائكة. وأما قول إبراهيم لهم: <قوم منكرون) [الذاريات: ه 2]،
فانما قاله لما ظنهم من الإنس.
وأيضا؛ فلا يقتضيه فخامة المعنى ومقصوده، ولهذا لو ظهر ذلك وقيل:
"فان يكفر بها كفار قومك فقد وكلنا بها الملائكة فإنهم لا يكفرون بها"، لم
يجد منه من التسلية وتحقير شأن الكفرة بها، وبيان عدم تأهلهم لها (1)
والانعام عليهم، وإيثار غيرهم من أهل الايمان الذين سبقت لهم ا لحسنى
(1) (ح، ن): "تأهيلهم لها)].
458