كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

والثا ني: من القى السمع وحضر بقلبه ولم يغب، فهو حاضر القلب
شاهده لا غائبه.
وهذا - والله أعلم - سر الاتيان ب <أو > دون الواو؛ لان المنتفع بالايات
من الناس نوعان:
احد هما: ذو القلب الواعي الزكي الذي يكتفي بهدايته بادنى تنبيه، ولا
يحتاج أن يستجلب قلبه ويحضره و يجمعه من مواضع شتاته، بل قلبه و ع
زكي قابل للهدى غير معرض عنه؛ فهذا لا يحتاج إلا إلى وصول الهدى إليه
فقط؛ لكمال آستعداده وصحة فطرته، فإذا جاءه الهدى سارع قلبه إلى قبوله،
كأنه كان مكتوبا فيه، فهو قد أدركه مجملا ثم جاء الهدى بتفصيل ما شهد
قلبه بصحته مجملا. وهذه حال أكمل الخلق آستجابة لدعوة الرسل، كما
هي حال الصديق الاكبر رضي الله عنه،
النوع الثا ني: من ليس له هذا الاستعداد والقبول؛ فإذا ورد عليه الهدى
صغى إليه بسمعه، وأحضر قلبه وجمع فكرته عليه، وعلام صحته وحسنه
بنظره و ستدلاله. وهذه طريقة أكثر المستجيبين، ولهم نوع ضرب الامثال،
واقامة ا لحجج، وذكر المعارضات و لأجوبة عنها.
والاولون: هم الذين يدعون با لحكمة، وهؤلاء: يدعون بالموعطة
ا لحسنة. فهؤلاء نوعا لمستجيبين.
وأما المعارضون الدافعون للحق (1)، فنوعان: نوع يدعون با لمجادلة
بالتي هي أحسن، فان آستجابوا والا فالمجالدة؛ فهؤلاء لا بد لهم من جد ل
(1) (ح، ن): " المدعون للحق لا.
490

الصفحة 490