كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
وهذا موسى كليم الرحمن عز وخر: ألقى الالواح التي فيها كلام الله
الذي كتبه له، القاها على الارض (1) حتى تكسرت، ولطم عين ملك الموت
ففقاها (2)، وعاتب ربه ليلة الاسراء في النبي! شي!، وقال: " شاب بعث بعدي
يدخل الجنة من اسه أكثر ممن يدخلها من أمتي " (3)، و خذ بلحية هارون
وجره إليه (4) وهو نبي الله، وكل هذا لم ينقص من قدره شيئا عند ربه، وربه
تعالى يكرمه ويحبه؛ فان الامر الذي قام به موسى، والعدو الذي برز له،
والصبر الذي صبره، والاذى الذي أوذيه في الله = امر لا تؤثر [فيه] أمتال
هذه الامور، ولا يغبر به في وجهه (5)، ولا يخفض منزلته (6).
وهذا أمر معلوم عند الناس مستقر في فطرهم: أن من له ألوف من
الحسنات فانه يسامح بالسيئة و لسيئتين ونحوها، حتى إنه ليختلج داعي
عقوبته على إساءته، وداعي شكره على إحسانه، فيغلب داعي الشكر لداعي
وا لحاكم (3/ 373) ولم يتعقبه الذهبي.
(1) كما في سورة الاعراف: 0 5 1.
(2) أخرجه البخاري (1334)، ومسلم (2372).
(3) اخرجه البخاري (07 32)، ومسلم (64 1).
(4) كما في سورة طه: 94.
(5) "به " ليست في (ت، ح، ن)، فيكون الفعل للمعلوم، أي: لا يعيبه ولا يعقص من قدره.
كما قال البديع في " المقامات " (123): " غتر في وجهه الفقر"، اي: اثر فيه. ويجوز
أن يكون من قولهم: "غبر في وجه فلان " إذا سبقه. " الاساس " و (ز التاج " (غبر). اي:
ان هذا الامر ليس مما يؤخر رتبة موسى ومتزلته من ربه.
(6) انظر: "الرد على البكري " (2/ 8 1 7)، و" ملم ارج السالكين " (2/ 6 5 4)، وما سيأ تي
(ص: 1 85).
506