كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
الرب تعا لى بأسمائه وصفاته و فعاله وأحكامه، وأن يعبد بموجبها
ومقتضاها؟ فكما أن عبادته مطلوبة مرادة لذاتها، فكذلك العلم به ومعرفته.
و يضا؟ فان العلم من أفصل أنواع العبادات - كما تقدم تقريره -؛ فهو
متضمن للغاية والوسيلة.
وقولكم: "إن ا-لعمل غاية "، إما ن تريدو به العمل الذي يدخل فيه عمل
القلب وا لجوارح، أو العمل المختص با لجوارح فقط.
فان أريد الاول، فهو حق، وهو يدل على أن العلم غاية مطلوبة؛ لأنه من
أعمال القلب - كما تقدم -.
وإن أريد به الثا ني - وهو عمل ا لجوارح فقط -، فليس بصحيح؛ فإن
اعمال القلوب مقصودة ومرادة لذاتها، بل في الحقيقة أعمال ا لجوارح
وسيلة مرادة لغيرها؟ فإن الثواب والعقاب والمدح والذم وتوابعها هو للقلب
أصلا وللجوارح تبعا، وكذلك الاعمال المقصود بها أولا صلاح القلب
واستقامته وعبوديته لربه ومليكه، وجعلت أعمال ا لجوارح تابعة لهذا
المقصود مرادة له، وان كان كثيرا (1) منها يراد (2) لاجل المصلحة المترتبة
عليه، فمن أجلها: صلاح القلب وزكاوه وطهارته واستقامته.
فعلم أن الاعمال منها غاية ومنها وسيلة، وأن العلم كذلك.
وأيضا؟ فالعلم الذي هو وسيلة إلى العمل فقط إذا تجرد عن العمل لم
ينتفع به صاحبه؟ فالعمل أشرف منه.
(1) كذا في الاصول، بالنصب.
(2) (ن): " مرادا ".
512