كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

ومن كلام الشافعي: "استعينوا على الكلام بالصمت، وعلى الاستنباط
بالفكرة " (1).
وهذا (2) لان الفكر عمل القلب، والعبادة عمل ا لجوارح، والقلب
أشرف من ا لجوارح؛ فكان عمله أشرف من عمل ا لجوارح.
وأيضا؛ فالتفكر يوقع صاحبه من الايمان على ما لا يوقعه عليه (3)
العمل المجرد؛ فان التفكر يوجب له من آنكشاف حقائق الامور وظهورها
له، وتمييزها (4) في الخير والشر، ومعرفة مفضولها من فاضلها وأقبحها من
قبيحها، ومعرفة أسبابها الموصلة إليها، وما يقاوم تلك الاسباب ويدفع
موجبها، والتمييز بين ما ينبغي السعي في تحصيله وما ينبغي السعي في دفع
أسبابه، والفرق بين الوهم وا لخيال المانع لاكثر النفوس من آنتهاز الفرص
بعد إمكانها وبين السبب المانع حقيقة (5) فيشتغل به دون الاول، فما قطع
العبد عن كماله وقلاحه وسعادته العاجلة والاجلة قاطع أعظم من الوهم
الغالب على النفس والخيال الذي هو مركبها، بل بحرها الذي لا تنفذ
= الاحياء (13/ 313). وبنحوه في "المجالسة " (2672).
(1) "الاحياء" (4/ 5 2 4)، و" صفة الصفوة لما (2/ 53 2). ونسبه ا لجاحظ في " البيان
والتبين لما (1/ 327) إلى قسامة بن زهير.
(2) أي: كون تفكر ساعة خيرا من عبادة ستين سعة. وهو لوجه الثالث والخمسون بعد
المئة من اوجه تفضيل العلم واهله.
(3) (د، ت، ق): " ما لا يوقع لما.
(4) (ن، ح): " و تميز مراتبها لما.
(5) (ت، ح، ن): " حقيقته ".
519

الصفحة 519