كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
يتخالج القلب فيه شك لا يقع التهاون بها وعدم الرغبة فيها.
ولهذا لو قدم لرجل طعام في غاية الطيبة (1) واللذة، وهو شديد
الحاجة، ثم قيل له: إنه مسموم؛ فإنه لا يقدم عليه؛ لعلمه بأن سوء ما تجني
عاقبة تناوله (2) تربي في المضرة على لذة أكله (3)، فما بال الايمان بالاخرة
لا يكون في قلبه بهذه المنزلة؟! ما ذ ك إلا لضعف شجرة العلم والإيمان بها
في القلب، وعدم ستقرارها فيه.
وكذلك إذا كان سائرا في طريق، فقيل له: إن بها قطاعا ولصوصا يقتلون
من وجدو 5 ويأخذون متاعه؛ فإنه لا يسلكها إلا على أحد وجهين: إما ن لا
يصدق المخبر، واما ن يثق من نفسه بغلبتهم وقهرهم و لانتصار عليهم؛
والا فمع تصديقه للمخبر تصديقا لا يتمارى فيه، وعلمه من نفسه بضعفه
وعجزه عن مقاومتهم، فانه لا يسلكها.
ولو حصل له هذان العلمان فيما يرتكبه من إيثار الدنيا وشهواتها لم
يقدم على ذلك؛ فعلم أن إيثاره للعاجلة (4) وترك ستعداده للاخرة لا يكون
قط مع كمال تصديقه وايمانه أبدا.
الحالة الثانية: ان يتيقن و يجزم جزما لا شك فيه بان له دارا غير هذه
الدار، ومعادا له حلق، و ن هذه الدار طريق إلى ذلك المعاد ومتزل من منازل
السائرين إليه، ويعلم مع ذلك أنها باقية، ونعيمها وعذابها لا يزول، ولا نسبة
(1) كذا في الاصول. وهو صحيح. طاب الشيء يطيب طيبا وطيبة. " اللسان ".
(2) (ت): "عاقبته بتناوله ".
(3) انظر ما مضى (ص: 2 4 2).
(4) (ت، ق): " للدنيا". (د): "للاخرة "، وفي الطزة: " لعله: الدنيا".
523