كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

أيضا محلان ومنزلان: أحدهما: هذه الدار، والاخر: دار القرار.
* فابناء الدنيا الذين ليس لهم في الاخرة من خلاق عمرو [بيوت
أفكارهم بتلك الاقسام الاربعة في هذه الدار، فاثمرت لهم أفكارهم فيها ما
أثمرت، ولكن إذا حقت ا لحقائق، وبطلت الدنيا، وقامت الاخرة؛ تبين
الرابح من المغبون، وخسر هنالك المبطلون.
* و بناء الاخرة الذين حلقوا لها عمروا بيوت افكارهم على تلك
الاقسام الاربعة فيها.
ونحن نفصل ذلك بعون الله وفضله، فنقول: كل طالب لشيء فهو محب
له، مؤثر لقربه، ساع في طريق تحصيله، متوصل إليه بجهده، وهذا يوجب له
تعلق أفكاره بجمال محبوبه وكماله وصفاته (1) التي يحب لاجلها، وتعلقها
بما يناله به من الخير والفرحة و لسرور.
ففكره في حال محبوبه دائر بين الجمال و لاجمال (2)، و لحسن
والاحسان، فكلما قويت محبته له ازداد هذا الفكر وقوي وتضاعف، حتى
يستغرق أجزاء القلب فلا يبقى فيه فصل لغيره، بل يصير بين الناس بقالبه،
وقلبه كله في حضرة محبوبه.
فان كان هذا المحبوب هو المحبوب ا لحق الذي لا تنبغي المحبة إلا
له، ولا يحب غيره إلا تبعا لمحبته، فهو أسعد المحبين به، وقد وضع ا لحب
موضعه، وتهيات نفسه لكمالها الذي خلقت له الذي لا كمال لها بدونه
(1) (ت): "وكمال صفاته ".
(2) انظر: " المدارج " (3/ 288)، و" القوانين الفقهية " لابن جزي (285).
9 2 5

الصفحة 529