كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

الثالث: أنه إذا كان متصفا بها، فما طريق حفظها ودوامها؟ وان لم يكن
متصفا بها فما طريق اجتلابها والتخلق بها؟
ثم فكرته في الافعال على هذين الوجهين أيضا سواء.
ومجاري هذه الافكار ومواقعها كثيرة جدا لا تكاد تنضبط، وإنما
يحصرها ستة أجناس: الطاعات الظاهرة والباطنة، والمعاصي الظاهرة
والباطنة، والصفات والاخلاق ا لحميدة، والاخلاق والصفات الذميمة.
فهذه مجاري الفكرة في صفات نفسه و فعالها (1).
وأما الفكرة في صفات المعبود وأفعاله وأحكامه، فتوجب له التمييز بين
الايمان والكفر، والتوحيد والشرك، والإقرار والتعطيل، وتنزيه الرب عما لا
يليق به، ووصفه بما هو أهله من ا لجلال والاكرام.
ومجاري هذه الفكرة: تدبر كلامه، وما تعرف به سبحانه إلى عباده على
ألسنة رسله من أسمائه وصفاته و فعاله، وما نزه نفسه عنه مما لا ينبغي له ولا
يليق به سبحانه، وتدبر أفعاله وأيامه في أوليائه وأعدائه التي قصها على
عباده وأشهدهم إياها؛ ليستدلوا بها على أنه إلههم الحق المبين الذي لا
تنبغي العبادة إلا له، ويستدلوا بها على أنه على كل شيء قدير، وأنه بكل شيء
عليم، وأنه شديد العقاب، وأنه غفور رحيم، و نه العزيز ا لحكيم، وأنه الفعال
لما يريد، وأنه الذي وسع كل شيء رحمة وعلما، و ن أفعاله كلها دائرة بين
الحكمة والرحمة، والعدل والمصلحة، لا يخرج شيء منها عن ذلك.
وهذه الثمرة لا سبيل إلى تحصيلها إلا بتدبر كلامه والنظر في آثار
أفعاله.
(1) (ت): " و ا فعا له ".
532

الصفحة 532