كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وعلمه ورحمته وحكمته وامكان ما أخبر به من إحياء الخلائق بعد موتهم
كما أحيا هذه الارض بعد موتها.
وهذه امور لا تدرك إلا ببصر القلب - وهو العقل -؛ فان ا لحس دل على
الاية، والعقل دل على ما جعلت اية له، فذكر سبحانه الاية المشهودة
بالبصر، والمدلول عليه المشهود بالعقل، فقال: < ومق ءايانه- يرليم
البزق خؤفا وطمعا ويتزل من افمما ماء فيئء به الازضى بعد موتهاج إن في
ذ لث لأي! لقوم يعقلون > [ا لروم: 4 2].
فتبارلب الذي جعل كلامه حياة للقلوب وشفاء لما في الصدور.
وبا لجملة؛ فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القران بالتدبر والتفكر؛ فإنه
جامع لجميع منازل السائرين، وأحوال العاملين، ومقامات العارفين، وهو الذي
يورث ا لمحبة والشوق وا لخوف والرجاء والانابة والتوكل والرضا والتفويض
والشكر والصبر وسائر الاحوال التي بها حياة القلب وكماله، وكذلك يزجر عن
جميع الصفات والافعال المذمومة التي بها فساد القلب وهلاكه.
فلو علم الناس ما في قراءة القران بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما
سواها، فاذا قرأه بتفكر حتى مر باية هو محتاج إليها في شفاء قلبه كررها ولو
مئة مرة، ولو ليلة؛ فقراءة اية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر
وتفهم، وأنفع للقلب، و دعى إلى حصول الايمان وذوق حلاوة القران.
وهذه كانت عادة السلف، يردد أحدهم الاية إلى الصباح (1)، وقد ثبت
(1) انظر: مختصر " قيام الليل لمحمد بن نصر" (48 1 - 1 5 1)، و" نتائج الافكار" لابن
حجر (3/ 91 1 - 95 1).
535

الصفحة 535